الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية بعد إقصاء خديجة الشريف من وزارة المرأة: هل خسرت تونس كفاءة استثنائية؟

نشر في  04 فيفري 2015  (10:37)

إثر إعلان رئيس الحكومة المُكلّف الحبيب الصيد يوم الاثنين 02 فيفري عن تشكيلة حكومته بعد مفاوضات ماراطونية مع شتى الأقطاب الحزبية. تباينت ردود الفعل في الأوساط السياسية على بعض التسميات، خصوصا منها تعيين سميرة المرعي وزيرة للمرأة عوض المناضلة والحقوقية خديجة الشريف التي أبدت حركة النهضة اعتراضا حول تسميتها في التشكيلة الحكومية الأولى.
ويعود مردّ اعتراض حركة النهضة حول عدم تسمية خديجة الشريف التي تعتبر من أبرز رائدات الحركة النسوية  ومناضلاتها الشرسات على حقوق ومكتسبات المرأة في تونس إلى موقفها الشخصي من مسألة الحجاب. كما يجدر الذكر بأنه سبق وأن شنّت مواقع الكترونية تابعة لحركة النهضة أو لأنصارها حملة شرسة على خديجة الشريف متّهمة إياها بانتمائها إلى اليسار الاستئصالي وذلك على خلفية موقفها إزاء الحجاب.
وفي هذا الصدد ارتأت أخبار الجمهورية تسليط الضوء على  مسألة سحب وزارة المرأة من خديجة الشريف وخلفياتها فاتصلت بالمعنية بالأمر وببعض الوجوه النسائية المعروفة بمناصرتها لقضايا المرأة لرصد مواقفهن بخصوص هذا الموضوع، وننقله إليكم كالتالي:


خديجة الشريف: أتفهّم قرار سحب الوزارة منّي..

من جهتها أعربت المناضلة والحقوقية خديجة الشريف عن تفهّمها لقرار سحب وزارة المرأة منها، مشيرة إلى أن ذلك القرار كان نتيجة خيارات أحزاب سياسية ـ في تلميح لحركة النهضة وحزب آفاق تونس ـ  خدمة لأجندات وحسابات سياسية ضيقة دون مراعاة المصلحة الوطنية التي كانت تقتضي تعيين كفاءة مثلها يشهد لها بالخبرة والنضال حتى تستطيع أن تتقدم وتدفع بمكتسبات المرأة وتنهض بها..
كما تساءلت الشريف عن المخزون النضالي النسائي الذي تمتلكه سميرة مرعي حتى تتمكن من ترؤس وزارة المرأة، مشيرة إلى أنها لم تسمع يوما بنضالها من أجل النساء أو بتميزها بمواقف شرسة تدافع بها عنهن، بل أسعفها فقط انتمائها لحزب آفاق تونس لتكون مكلّفة  بهذه الوزارة وفق تعبيرها.
في المقابل تأسفت الحقوقية لقرار عزلها من منصب وزارة المرأة الذي كانت متمتعة به لأنها كانت ستساهم برصيد خبرتها الكبيرة ونضالها في الدفع لصالح قضايا المرأة والمجتمع وفق تصريحها، مشيرة إلى أنه كان يتوجب بالحبيب الصيد اتخاذ قرار عدم تكليفها منذ التشكيل الأول وليس بعده..

سعيدة قراش: هذه وصمة عار وتنكّر لمليون ونيف امرأة صوّتن لنداء تونس

أعربت الحقوقية والقيادية في حركة نداء تونس سعيدة قراش عن استنكارها الشديد لسحب وزارة المرأة من المناضلة والحقوقية خديجة الشريف وتعويضها بنائبة حزب آفاق تونس سميرة مرعي، مؤكدة أن حركة النهضة هي التي كانت وراء إقصاء الشريف لأنها منذ الإعلان الرسمي عن تكليفها في الحكومة السابقة بذلك المنصب لم تدخر الحركة أي جهد في شن حرب عليها وذلك من خلال تجييش كافة صفحاتها الاجتماعية للتنديد والمعارضة بتنصيب المناضلة المعروفة التي تعتبر رمزا للنضال التاريخي النسائي في تونس.
كما كشفت الحقوقية أن حركة النهضة تقدمت بقائمة إلى رئيس الحكومة الحبيب الصيد ضمت كل التسميات التي لم تكن راضية عنها وتعارضها في تركيبة الحكومة السابقة بل تعتبرها ممثلة لليسار الاستئصالي وعلى رأس التسميات المقدّمة كانت خديجة الشريف التي لم يشفع لها حتى دفاعها عن حق التنظّيم السلمي للإسلاميين ونضالها ضد قمعهم في زمن بن علي، في أن تبقى على رأس وزارة المرأة وفق تعبيرها.
وفي سياق متّصل، اعتبرت قراش أن الحبيب الصيد قد خضع لعملية ابتزاز سياسي من طرف حزبي النهضة وآفاق تونس في إطار محاصصة حزبية تركت المصلحة الوطنية جانبا وألغت مشروعا ديمقراطيا كاملا له علاقة بالفكر الإصلاحي البورقيبي والذي مثلته بالأساس خديجة الشريف، مشددة على أن حركة النهضة تدرك جيدا بأن جوهر الصراع السياسي والمجتمعي في تونس سببه موقع ومركز النساء بهما لذلك سعت بكل قوة للتصدي إلى تعيين الشريف في الحكومة.
ومن جهة أخرى صاغت الحقوقية سعيدة قراش رسالة مفتوحة إلى الحبيب الصيد أعربت فيها عن موقفها الواضح بخصوص سحب وزارة المرأة من خديجة الشريف ومنحها لسميرة مرعي وهذا نصّها:
«إلى السيد الحبيب الصيد رئيس الحكومة المكلف من طرف حزب نداء تونس: خيبتم أملي كمناضلة نسائية وندائية، فأن تسحب حقيبة وزارة المرأة من السيدة خديجة الشريف المناضلة النسائية والحقوقية المعروفة ليس وطنيا فقط بل عالميا بحملها لالتزام عميق بالدفاع عن النساء و حقوقهن و تمنح الي ممثلة حزب آفاق الذي لم نعرف لنائباته في فترة التأسيسي وغيرها ولا لمن رشحتم لتحميل مسؤولية وزارة المرأة والعائلة أو كل النضالات التي خاضتها نساء تونس في الدفاع عن مكتسباتهن وعن النموذج المجتمعي التونسي أي دور متميز في هذا الصدد.
 ان إعطاء هذه الحقيبة على أساس المحاصصة الحزبية وعدم منحها لنداء تونس أو لشخصية وطنية مستقلة عرفت بنضالاتها في هذا المجال فيه تنكر للمليون ونيف امرأة تونسية التي صوتت إلى السيد رئيس الجمهورية باجي قائد السبسي وفيه تنكر لنساء تونس الآتي صوتن بأكثر من النصف لنداء تونس، لا تهمني تجاذباتكم ولا يهمني البحث عن توازن سياسي أعرج، ولا أقدح في المرشحة الحالية لحقيبة وزارة المرأة، ولكنني لا أقبل التضحية بناخبات نداء تونس و ونساء تونس اللاتي استأمنتنا على مستقبلهن والدفاع عن حقوقهن لحزب دفع بقوة الى التحالف مع النهضة ولحزب لم تعرف مناضلاته يوما بتحمسهن للدفاع عن حقوق النساء بشكل متميز خارج دائرة الخطاب التقليدي و الممارسة السياسية التقليدية.
مع العلم سيدي رئيس الحكومة المكلف تعلمون إنني كنت المرشحة الرئيسية للنداء لحقيبة كتابة الدولة للمرأة سابقا وأنه تمت دعوتي لمهام أخرى وأنني لا أدافع عن خاصة نفسي للفوز بهذا المنصب فأنتم تدركون في متابعتكم لعملية الاختيار إنني لم أتشبث يوما بما عرض علي ولا أطالب به اليوم لخاصة نفسي بل أرفض ان تنصاعوا لضغط حزب النهضة و آفاق تونس في إلغاء ترشيح السيدة خديجة الشريف التي تعرضت لحملة تشويه غير مسبوقة وتعوضوها بسيدة أكن لها ا لاحترام الكبير لكنني لم أعرف عنها التزامها وانخراطها المتميز في الدفاع عن حقوق النساء لا قبل ولا بعد 14 جانفي ولا بينهما.»

سلمى بكار: ما جرى انتكاسة كبيرة..

أما القيادية في حزب المسار والنائبة السابقة في المجلس التأسيسي سلمى بكار فقد استبعدت أن تكون حركة النهضة هي من دفعت لتكليف النائبة عن آفاق تونس سميرة مرعي على رأس وزارة المرأة، مشيرة إلى أن وزيرة المرأة الجديدة لديها كفاءة كبيرة وعندها «ما تقول في روحها» وفق تعبيرها لكن في ميدان تخصصها بما أنها تتبع قطاع الصحة لكونها طبيبة..
وأضافت بكار أن الحبيب الصيد كان الأجدر به تكليف سميرة مرعي كوزيرة للصحة تجسيدا لادّعائه بأنه يسعى لتشكيل حكومته على أساس الكفاءة والخبرة وفق تعبيرها، مشيرة إلى أن سحب الوزارة من خديجة الشريف يعتبر من أفدح الأخطاء التي قام بها الصيد وانتكاسة لانتظارات جمعية عريقة مثل جمعية النساء الديمقراطيات التي تعتبر مرجعا نضاليا نسائيا يقتدى به في جميع أنحاء العالم لأنه لم توجد أي جمعية لها قدرة على النضال والكفاح لأجل الدفاع عن مكاسب المرأة وحقوقها كمثل الجمعية المذكورة.
وفي ختام مداخلتها قالت سلمى بكار بأن خديجة الشريف تمثل رمزا للنضال النسائي في تونس وسحب الوزارة منها يعتبر خسارة كبيرة في حق كل نساء تونس وفي حق المليون امرأة اللاتي صوّتن لنداء تونس في الانتخابات الماضية.. 


ألفة يوسف: أدعو حركة نداء تونس إلى المشاركة في الأوسكار الدولي للتمثيل ..

من جهتها اعتبرت المفكرة والباحثة ألفة يوسف أنّ تشكيلة الحكومة بأغلبها انبنت على أساس الترضيات والمحاصصة الحزبية والامتيازات بدلا عن الكفاءات وخدمة الوطن، مشيرة إلى أنّ إقصاء الحقوقية خديجة الشريف من وزارة المرأة دليل على أنه في هذه البلاد لا وجود لمنطق الرجل المناسب في المكان المناسب ولا المرأة المناسبة في المكان المناسب.
كما أعربت المفكرة على تفاجؤها واستنكارها الشديد لتحوير منصب وزارة المرأة خاصة أن الشريف كانت الأجدر والأنسب له لأنها تعرف كافة ملفات قضايا المرأة التونسية.
واعتبرت الباحثة من جهتها أن سحب الوزارة عن الشريف ليس مفاجئا من سياسيين تابعين لمجتمع تونسي «رجعي ومتخلّف» ولأن الديمقراطية هي انعكاس لرجعية هذا المجتمع-وفق تعبيرها-، مشيرة بأننا يجب أن نقبل بهذه العقلية السائدة والطبيعية..
ومن جهة أخرى توجهت ألفة يوسف ـ بنبرة متهكمة ـ بجزيل الشكر إلى حركة نداء تونس لإتقانها فنّ التمثيل والافتراء على ناخبيها بزعمها وإيهامهم عدم التحالف مع حركة النهضة وهي عكس ذلك، داعية إياها إلى المشاركة في الأوسكار الدولي للتمثيل لأنها ستتمكن حتما من الفوز والظفر به بجدارة على حد تعبيرها..

زهيرة بن عمّار: لا تعنيني الأسماء والألقاب بقدر ما تعنيني الكفاءات والبرامج

وفي ذات الإطار أفادت الممثلة والسينمائية زهيرة بن عمار أن الشعب التونسي المعروف بنضاله التاريخي والعريق يستحق بأن تكون له وزارات في الحكومة من كافة القطاعات تمثله في فكره وخطابه وانتظاراته وتسعى لتجسيد تطلعاته وآماله، لذلك يستوجب أن تكون الحكومة مبنية على أساس الكفاءات والخبرات..  
كما أضافت السينمائية بأنه لا مجال لشخصنة مسألة تشكيل الحكومة وتركيبتها لأن الأهم هو خدمة البلاد ومصالحها خاصة في هذا الظرف الحساس والاستثنائي، فتونس ليست قطعة مرطبات أو وليمة صالحة للقسمة والتجزئة بل لها تاريخ حافل كتب بدم الشهداء الذين تعالت أصواتهم لأجل تحرير هذا الوطن والدفع به نحو التطور والتقدّم..
وفي ختام حديثها أكدت زهيرة بن عمار بأن الأسماء والألقاب لا تعنيها بقدر ما تهمّها الكفاءة والبرامج التي تخدم البلاد والشعب.

إعداد: منارة التليجاني